فضل
اتابع الحديقة بالخارج من خلال زجاج النافذة التي احتلت حائط الغرفة بالكامل، من انا حقًا
هل انا سالم بشياطينه وعنفوانه
ام فضل بمثاليته وهدوءه
ام معروف الذي تخلى عن الحياة مبكرًا دون ارادته
زاد ألم صدري لحظة تذكري لمعروف
لمست قلبي وكأنني ادرك انه سيظل هنا، سيظل وستُخلد ذكراه
دخلت الطبيبة ليلى بابتسامتها المزيفة المعهودة، تتحمل الكثير هي الاخرى
⁃ كيف تشعر اليوم يا فضل؟
⁃ بافضل حال
اجبتها لتُنقل نظرها نحو يدي المعلقة على قلبي
⁃ تعلم ان اليوم هو يوم خروجك، لكن ان كنت تشعر انك لازلت مُعلقًا في تلك الدائرة يمكننـ…
⁃ لا لا، يكفي انني فوَّت الاشهر الاولى من حياة ابني، انا بخير، علىّ العودة لحياتي
اومأت ليلى برأسها
كان دخول فضل لهذه المصحة النفسية الخاصة قد مر عليه ما يزيد عن العام بقليل، دخل عقب ان قررت عبير مواجهته بالحقيقة التي تعرفها منذ اشهر زواجهم الأولى، عندما اكتشفت حملها شعرت بالخطر، لم يعد الأمر يتعلق بهما وحدهما بعد ذلك الخبر، واجهته لينهار فضل امامها بجنون لم يسبق ان تتخيله في اجمح احلامها حتى، في لحظة كاد ان يقتلها وفي لحظة كان يعانقها بجنون، اتهمها بالخيانة لينعتها بعدها بأنها اطهر نساء الأرض، بكى فرحًا بطفلهما وصرخ طالبًا التخلص من الجنين بعدها،
دمر غرفتهما اولًا وانتقل بعدها للغرفة المغلقة التي كان يظهر فيها كسالم
دمر اصيصات الزرع فيها وعاث فيها فسادًا وانتقل في النهاية ليدمر المرآة التي رأته يُحدث نفسه امامها مرارًا، دمرها وهو يصرخ كأنه طُعن لينهار ارضًا في النهاية
تحاملت على نفسها لتطلب الاسعاف وانتهى الامر بإداعة في المصح الخاص بكامل رضاه وبتشجيعها
مرت الاشهر ووِلد ابنهما، اسمياه معروف
كذكرى حيه لما قد مرا به سويًا
لم ينجو سالم،
ولم ينجو فضل،
بطريقة ما خُلق فَضل آخر جمع بين كلاهما
اصطحبته عبير من المصحة، وعدها انه ان يخذلها ابدًا ولعشقها له أمنَّت على وعده
ركبا السيارة وبعد ان ثبتت عبير ابنهما في المقعد المخصص له بالخلف
احتضنها فضل مره اخرى قبل ان يفتح لها باب مقعد السائق
وما أن اغلقه وكاد ان يدلف لمقعده بجانبها حتى لمح سالم بالمقعد الخلفي بجانب ابنهما يلاعب الرضيع ويبتسم لفضل.