أنين الروح

كانت في الماضي تتمنى أن يرزقها الله بثلاثة أطفال حين تتزوج، والآن أصبحت مقتنعة أنها لن تنجب إلا واحد وتتمنى موته قبل أن يخرج للحياة، حقًا لقد ذبحها القدر بسكاكينه المسنونة. من أسعد لحظات الأمومة حين تشعر الأم أن طفلها يركلها ويتحرك بداخلها، تلك اللحظة تبقى عالقة في قلب أيّ أم ولو مر من الزمان قرون، أبدًا لا تنسى ذلك الألم الممتع، أما مروة فكلما تشعر بطفلها يتحرك، تضرب على بطنها متمنية أن يموت أو يسقط. *************************** مرت سبعة أشهر على الحادثة وما زالت حالتها في انحدار من السيء إلى الأسوأ، تتذكر مروة عندما كان المنزل يعُم بالسعادة، تتذكر تلك الليالي الدافئة وسط العائلة أمام التلفاز مع تناول المُسليات، تتذكر مشاجرتها مع شقيقتها حين يغلبها النعاس وتقرر النوم ولكن سالي مشعلة أضواء الغرفة لكي تُذاكر، وكانت تلك من أكبر مشاكلها اليومية، أما الآن فهي تتمنى النوم ولو ساعة واحدة بدون كوابيس مفزعة. تتذكر شغفها وانتظارها لذلك اليوم الذي ترتدي فيه فستان زفافها الأبيض وبجانبها شقيقها وتوأمها محمود يُسلمها بيده لعريسها، تبخرت أحلامها البسيطة بل إنها باتت مُقتنعة أنها لن ترتدي ذلك الفستان أبدًا. *************************** في طريقه للعودة يسأل نفسه هل سينام الليلة أم كالعادة لن يعرف للراحة سبيلًا، يشتاق للنوم لكنه لا يعرف كيف، يشتاق إلى البسمة التي كانت في الماضي لا تفارق شفتيه، يتذكر نفسه القديمة ويبكي على ما آلت إليه الأمور، يوميًا يرى بطن شقيقته المنتفخة فيكتم دموعه بداخل عينيه ثم يرى والدته طريحة الفراش فتخونه دموعه. يسأل نفسه: “لماذا يحدث كل هذا معي؟ لماذا ولِدتُ في ذلك المنزل المشؤوم، ماذا ارتكبت في حياتى ليعاقبنى القدر بتلك الوحشية من أحلام وأهداف تهشمت، والعار الذي سيبقى دائمًا لصيقًا بشرفي ودائمًا الأموال ليست كافية، تحطم نفسي وتشويش ذهني وألم جسدي، لماذا كل هذا معي؟ لماذا؟” “اشتقتُ لبسّمتَك، أرجوْك تبسَّم”. تلك كلمات الطفل الصغير بداخله، ذلك الكيان الملائكي الذي يسكن كل بشري. ************************* هنالك حرب قائمة بداخل ياسين، قلبه يخبره: “لا تقم بأيّ فعل تندم عليه لاحقًا، إنها فقط غلطة، سهوة، اغفر لها لعلك تخطئ فتسامحك، أنا لا أقدر على ضخ دمائي إلا برؤيتها، ابتسامتها تُشعرني وكأن الله راضٍ عني”. أما عقله: “استيقظ أيها المغفل، أين كرامتك، أين الن