عبير
اصمت قليلًا يا معروف، اترك روحي لتتحرر من كل شيء، لم أكن أعلم بوجودك، أنت اكتشافي الذي لم أبحث عنه، روحي كانت عالقة لسنوات، هل تظن حقًا أنك تهتم، هل تدرك من أنت، هل تستوعب كم من الوقت قد مر علي حتى أصل إلى تلك اللحظة، هل تظن حقًا أنك تحبني، لم يحترمني أحدٌ منكم يومًا، ظننت أنني سوف أواجه فضل وسالم فقط، لم أكن أعلم شيء عنك، حتى التقيت بك، كان عليّ الانتظار كل تلك السنوات وأنا أشعر بأنفاس فضل تخنق روحي، سنوات وأنا أبحث عنكم بعد أن تركني وحيدة تائهة مدمرة، لم تكن مصادفة، لم يكن اللقاء بعد كل تلك السنوات محض صدفة، لقد بحثت عنه بعدما فعل هو وسالم فعلتهما، لكنه لم يكن يتذكر شيء، لقد أحببته، تنازلت له عن نفسي، عن كل شيء أملكه، لقد آمنت به، وضعت ثقتي فيه، لم أرفض فضل كما ادعى، بل رأيت فيه المستقبل الذي بحثت عنه، لقد تألمت وما زلت أتألم، ولم أغفر له يومًا، عشت معه سنوات، دافع فضل فيها عني، لم أكن أعلم أنه المتسبب في اختفاء فتحي، لقد كنت أنا من تحرش بها فتحي، لقد كان يدافع عني، اصمت قليلًا يا معروف، أنت جزء منه، لن تأخذني شفقة بكم، وضعت قلبي وروحي وجسدي وكل ما أملك لفضل، رسم معي حياتنا هنا في تلك البقعة من الأرض، اخترتها معه، وعدني أنه سوف يقاتل من أجل الحصول عليها، تنازلت له عن جسدي ولم أندم، تنازلت له عن روحي، وكنت لأهبه ألفَ روحٍ أخرى لو أراد، لم يكن معي إلا فضل، إلى أن لاحظت التغيير وظهر شخص آخر، لم أفهم شيء وقتها، هو نفس الشخص لكن صوت أنفاسه، طريقته، حديثه، لمساته لم تكن هي، تلاحمنا الجسدي لم يكن كما هو، بدأت أشعر أن هناك شيئًا مريبًا، حاولت أن أفهم لكنه لم يساعدني، حاولت أن أساعده لكنه رفض، ماذا تفعل؟ هل تبكي أتظن أنك سوف تستطيع خداعي مرة أخرى، أنت لست طفلًا، لست روح طفل بلا جسد، أنت هو، وسالم هو، ثلاثتكم قد كسروني في لحظات قليلة، وها أنا أتعافى منذ سنوات، هل تظن أنني سامحت، هل تظن أن تلك الدموع سوف تغفر لكم، هل تظن روايتي الساذجة عن اكتشاف أن فضل شخصيتان في جسد واحد كانت سوف تقنع أحد غيرك، كنت أعلم منذ اللحظة الأولى التي خطت قدماي هذا المنزل أنهما شخصان، لكني لم أكن أعلم تفاصيلكم، كان لا بد أن أكتشف ما يخفيه، كان عليّ أن أهب لفضل كل شيء، وأنا أموت مع كل شيء أعطيه، حتى وصل أخيرًا، وصل سالم، وكان عليّ فقط أن أشعل فتيل الحرب بينهما، وقد نجحت، لقد نجحت، هل تعلم كيف تركني فضل، بعد كل شيء رسمناه معًا، لقد أرسل لي رسالة، ورقة، تخيل أنه ترك لي ورقة عليها كلمات: “أعتذر لك، لقد جعلتك تتألمين، وخنت ثقتك، لقد رأيتني كما لم يرني أحدٌ آخر، لكنني لم أعد قادرًا على حبك”. ورسم لنفسه في عقله المريض أنني كنت على علاقة بسالم، كنت أتمنى أن يظهر هو الآن ويكون مكانك، لكن لا يهم، أنا أرى نظراته من عينيك، أعلم أنه يشاهد كالجبان، يختفي خلف شخصيات زائفة، أعلم يا فضل أنك لن تستطيع الظهور مرة أخرى، لكن يكفي أنك قد تجرعت من نفس الكأس الذي اعتدت استخدامه مع ضحاياك، أعلم، وأعلم أنك تسمعني الآن، حياتك سوف تنتهى بنفس الطريقة التي أنهيت بها حياة الكثيرين، انظر يا معروف، بجانبك فنجانان من القهوة، وكوبين من الشاي، وخليط من نباتاتك.